4 مارس 2012

الفصح


 

في كل سنة كان اليهود يعيدون هذا العيد بابتهاج وكان يشير الى الحقيقة التاريخية عن خلاص نسل ابراهيم بطريقة معجزية، من سيف الملاك المهلك برش دم الحملان. من لا يرى في ها الفرض الالهي اعلانا رمزيا للفداء الابدي الذى اعدته المراحم الالهية للخطاة؟! و هل يوجد من يساوره الشك في ان الحمل الذى توقف عليه امر النجاة كان يشير الى المسيح المخلص؟!
ان رش دم الحملان فيه اشارة للايمان الذى ينبغي ان يأتي به الخاطئ الى الله ؟فتحسب استحقاقات الوسيط و الضامن العظيم، لكل من يأتي باتضاع و يخضع للطريقة التي اعدها الله للخلاص.
لقد وصلنا الان الى اللحظة التى ربط فيها المسيح الفصح و العشاء الرباني. ومن الخطأ ان نظن ان العهد الجديد نسخ العهد القديم لانه في الحقيقة لم ينقض شئ من الفرائض الموسوية، بل بالعكس قد تعظمت بتحولها من الظل و الرمز الى الحقيقة و الجوهر. فكما ان الزهرة في النبات لا تختفي من الوجود، و انما يؤدي ذبولها الى ان تنتقل الى مرحلة الثمرة، التي فيها تتجسم الحياة بصورة اوضح. فهكذا نجد ان كل الرموز و الظلال في العهد القديم، قد اراد لها الله ان تتحقق في الجديد. فمثلا نجد ان الذبائح التى كانت تقديم تشير الى المسيح، وكذلك الطقوس اللاوية التي تختص بالتطهير و الاغتسال، وجدت مدلولها في التطهير الروحي بكلمة الله و دم المسيح و المعمودية.
ها قد اعدت المائدة و يرى الان خروف الفصح موضوعا عليها .. ابتدأ يسوع في  نغمة تكشف عما في قلبه من مشاعر، فها هو يوجه كلامه لتلاميذه قائلا: "شهوة اشتهيت ان آكل هذا الفصح معكم قبل ان اتألم". لقداشتهى ان يعيد معهم هذا العيد و لكن ترى لماذا؟
بلا شك كان جميلا و ممتعا له ان يقضي الساعات الاخيرة من حياته التى كرسها للخدمة، بين دائرة خاصته، الذين تجاوبوا معه و كانوا هم البذرة النابتة لكنيسته العتيدة. ثم يقول لهم "لاني اقول لكم لا اكل منه بعد، حتى يكمل في ملكوت الله". لقد كان الرب يتطلع الى المستقبل البعيد. و ابتهج بروحه و هو يرى بوضوح تفاصيل ما كان يعنيه بهذا الكلام.
ونحن لا يمكننا ان نرى الا لمحة خافتة منه كنور الفجر الباهت و لكنها تكفي لان تعكس على ارواحنا جزءا من الفرح الذى ملأ قلب مخلصنا. انه حتى اليوم لم يتم عشاء الرب بكل معانيه فهناك تنتظر وليمة المفديين المخلصين.