20 مارس 2013

اقوال مأثورة:جبران خليل جبران


العطاء
وقد طالما سمعتك يا صاح تقول متبجحاً: (إنني أحب أن أعطي، ولكن المستحقين فقط).
فهل نسيت يا صاح، أن الأشجار في بستانك لا تقول قولك، ومثلها القطعان في مراعيك؟
فهي تعطي لكي تحيا، لأنها إذا لم تعط عرضت حياتها للتهلكة.
والحق أقول لك، إن الرجل الذي استحق أن يتقبل عطية الحياة ويتمتع بأيامه ولياليه، هو مستحق لكل شيء منك.
والذي استحق أن يشرب من أوقيانوس الحياة يستحق أن يملأ كأسه من جدولك الصغير.

العمل
الحق أقول لكم: إن الحياة تكون بالحقيقة ظلمة حالكة إذا لم ترافقها الحركة.
والحركة تكون عمياء لا بركة فيها إن لم ترافقها المعرفة.
والمعرفة تكون عميقة سقيمة إن لم يرافقها العمل
والعمل يكون باطلاً وبلا ثمر إن لم يقترن بالمحبة، لأنكم إذا عملتم بمحبة فإنما تربطون أنفسكم وأفرادكم بعضها ببعض ويربط كل واحد منكم بربه.

المساكن
ابن من خيالك مظلمة في الصحراء قبل أن تبني بيتاً في داخل أسوار المدينة
لأنه كما أن لك بيتاً مقبلا في شفق حياتك، كذلك للغريب الهائم فيك بيت كبيتك.

الجرائم و العقوبات
طالما سمعتكم تتخاطبون فيما بينكم عمن يقترف إثماً، كأنه ليس منكم، بل غريب عنكم ودخيل فيما بينكم.
ولكني الحق أقول لكم، كما أن القديس و البار لا يستطيعان أن يتساميا فوق الذات الرفيعة التي في كل منكم.
هكذا الشرير و الضعيف لا يستطيعان أن ينحدرا إلى أدني من الذات الدنيئة التي في كل واحد منكم.

الشرائع
ماذا أقول في من ليست الحياة بحراً في عقيدتهم؟
أولئك هم الذين يحسبون أن الحياة صخرة صلدة، وأن الشريعة إزميل حاد يأخذونه بأيديهم لكي ينحتوا هذه الصخرة على صورتهم ومثالهم!
ماذا أقول في المقعدين الذي يكرهون الراقصين؟
وفي الأفعى العتيقة الأيام التي لا تستطيع أن تخلف جلدها، ولذلك تنبري متهمة جميع الحيوانات بالعرى وقلة الحياء؟
وفي ذلك الذي يسبق غيره إلى وليمة العرس، وعندما يملأ جوفه من الأطعمة، ويبلغ حده من النهم و الشراهة، يترك الوليمة ويذهب في طريقة قائلاً: إن جميع الولائم مخالفات للناموس وجميع الذين يجتمعون إليها متعدو الشريعة؟
ماذا أقول في أمثال هؤلاء؟ إنهم كجميع الناس يقفون في أشعة الشمس، ولكنهم يولون الشمس ظهورهم؟

العقل و العاطفة
إن العقل و العاطفة هما سكان النفس وشراعها وهي سائرة في بحر هذا العالم.
فإذا انكسر سكان النفس أو تمزق شراعها فإنها لا تستطيع أن تتابع سيرها مطمئنة، بل إنها إما أن ترغم على الاستسلام إلى الأمواج تلاطمها وتتقاذفها يمنة ويسرة، أو تلقى مرساتها فتقف ساكنة عديمة الحركة في وسط البحر.
لأن العقل إذا استقبل بالسلطان على الجسد قيد عواطفه، كما أن العاطفة إذا لم يرافقها العقل كانت لهيباً يتأجج ليفنيها.
فاجعل نفسك تسمو بعقلك إلى مستوى عواطفك، وحينئذ ترى منها ما يطربك ويشرح لك صدرك.
وليكن لك من عقلك دليل وقائد لعواطفك، لكي تعيش في كل يوم بعد موتها وتنهض كالعنقاء متسامية فوق رمادها.
وأرغب إليكم أن تساووا بين العقل و العاطفة كما تساوون بين ضيفين عزيزين عليكم.
فإنكم ولا شك لا تكرمون الواحد أكثر من الثاني، لأن الذي يعتني بالواحد ويهمل الآخر يخسر محبة الاثنين وثقتهما.

التعليم
ما من رجل يستطيع أن يعلن لكم شيئا غير ما هو مستقر في فجر معرفتكم وأنتم غافلون عنه.
أما المعلم الذي يسير في ظل الهيكل، محاطاً بأتباعه ومريديه، فهو لا يعطي شيئا من حكمته، بل إنما يعطي من إيمانه وعطفه ومحبته.

الخير و الشر
إنني أستطيع أن أحدثكم عن الخير الذي فيكم دون الشر.
لأنه، أليس الشر هو بعينه الخير المعذب من جراء تعطشه ومجاعته؟
فإني الحق أقول لكم: إن الخير إذا جاع سعى إلى الطعام ولو في الكهوف المظلمة، وإن عطش فإنه يشرب حتى المياه الراكدة المنتنة.
والحق أقول لكم: إن الثمرة لا تستطيع أن تقول للجذر: (كن مثلي ناضجاً، جميلا، جواداً، يبذل كل مافيه لأجل غيره).
لأن العطاء حاجة من حاجات الثمرة التي لا تعيش بدونها، كما أن الأخذ حاجة من حاجات الجذر لا تحيا بغيرها.

اللذة
أجل، إن جسدك هو قيثارة نفسك،
وأنت وحدك تستطيع أن تخرج منها أنغاماً فتانة أو أصواتا مشوشة مضطربة
ولعلك تسأل في قلبك قائلا: ( كيف نستطيع أن نميز بين الصالح و الشرير من اللذات”).
إذا فاذهب إلى الحقول و البساتين وهنالك تتعلم أن لذة النحلة قائمة في امتصاص العسل من الزهرة.
وكذلك لذة الزهرة وهي تقوم بتقديم عسلها للنحلة.
والنحلة تعتقد أن الزهرة ينبوع الحياة،
والزهرة تؤمن بأن النحلة هي رسول المحبة،
والنحلة و الزهرة كلتاهما تعتقدان أن اقتبال اللذة وتقديمها حاجتان لا بد منهما و افتتان لا غنى للحياة عنه.

الجمال
أين تفتش عن الجمال وكيف تقدر أن تهدي إليه ما لم يكن هو نفسه طريقاً لك وهادياً؟
وكيف تستطيع أن تتحدث عن الجمال ما لم ينسج لك ثوباً لائقاً لخطابك؟
ليس الجمال بالحاجة غير المكملة، بل هو انشغاف و افتتان.
وليس الجمال فماً متعطشاً أو يداً فارغة ممدودة
بل هو قلب متلهب، ونفس مفتونة مسحورة.
وليس بالصورة التي ترغبون في رؤيتها أو الأنشودة التي ترجون سماعها.
بل هو صورة تبصرونها لو أغمضتم عيونكم، وأنشودة تسمعونها لو أغلقتم آذانكم.
وليس بالعصارة الجارية في عروق الأشجار، ولا بالجناح المتعلق في المخالب،
بل هو بستان تزينه الأزهار إلى الأبد، وفوج من الملائكة ترفرف بأجنحتها إلى منتهى الدهور.
نعم يا أبناء أورفليس، إن الجمال هو الحياة بعينها سافرة عن وجهها الطاهر النقي.
ولكن أنتم الحياة وأنتم الحجاب.
والجمال هو الأبدية تنظر إلى ذاتها في مرآة.
ولكن أنتم الأبدية وأنتم المرآة.

الدين
كل من يعتقد أن العبادة نافذة يفتحها ثم يغلقها، فهو لم يبلغ بعد إلى هيكل نفسه الذي نوافذه مفتوحة من الفجر إلى الفجر.
إن حياتكم اليومية هي هيكلكم وهي ديانتكم.
فخذوا معكم كل مالكم عندما تدخلون هيكلها.
وإن شئتم أن تعرفوا ربكم، لا تعنوا بحل الأحاجي و الألغاز.
بل تأملوا فيما حلوكم تجدوه لاعباً مع أولادكم.
وارفعوا أنظاركم إلى الفضاء الوسيع تبصروه يمشي في السحاب، ويبسط ذراعيه في البرق، وينزل إلى الأرض مع الأمطار.
تألموا جيداً، تروا ربكم يبتسم بثغور الأزهار، ثم ينهض ويحرك يديه بالأشجار.

الموت
إنكم تريدون أن تعرفوا أسرار الموت،
ولكن كيف تجدونها إن لم تسعوا إليها في قلب الحياة؟
لأن البومة التي لا تفتح عينيها إلا في الظلمة، البومة العمياء عن نور النهار، لا تستطيع أن تنزل الحجاب عن أسرار النور.
فإذا رغبتم بالحقيقة في أن تنظروا إلى روح الموت، فافتحوا أبواب قلوبكم على مصارعيها لجسد الحياة.
لأن الحياة و الموت واحد، كما أن النهر و البحر واحد أيضاً.
أما خوفكم من الموت فهو أشبه بارتجاف الراعي الواقف أمام الملك عندما يرفع يمينه فوق رأسه لكي يكرمه وينعم بوسام الرضى عليه.
أفلا يفرح الراعي مع ارتعاشه لان ملكه يقلده وسام الشرف و الرضى؟
ولكن ألا يشعر مع ذلك بارتجاف جسده وخفقان قلبه؟
وهل موت الإنسان سوى وقوفه عارياً في الريح وذوبانه في حرارة الشمس؟
أم هل انقطاع التنفس، سوى تحرير النفس من مده وجزره المتواصل، لكي يستطيع أني نهض من سجنه ويحلق في الفضاء ساعياً إلى خالفه من غير قيد ولا تعويض؟

+++
الحزن والفرح:
ما أكثر ما تمتلىء البئر التي تسقون منها ضحكاتكم بفيض دموعكم
فعلى قدر ما يغوص الحزن في أعماقكم يزيد ما تستوعبون من فرح
أليست القيثارة التي تسكن لها نفوسكم هي هي قطعة الخشب التي حفرها سكين؟
حين يستخفّك الفرح, ارجع الى اعماق قلبك,فترى انك في الحقيقة تفرح بما كان يوما مصدر حزنك
وحين يغمرك الحزن تأمل قلبك من جديد,فسترى أنك في الحقيقة تبكي مما كان يوما مصدر بهجتك

في العمل الممزوج بالحب

هو أن تنسج الثوب بخيوط مسلولة من قلبك,كما لوكان هذا الثوب سيرتديه من تحب
هو أن تبني دارا والوجد رائدتك,كما لو كانت هذه الدار ستضم من تحب
هو أن تنثر البذور في حنان,وتجمع حصادك في فرح ,كما لو كانت الثمار سيأكلها من تحب
هو أن تنفح كل ما تصنعه يداك بنسمة من روحك, وأن تدرك ان كل أعزائك الراحلين قد التفوا حولك يراقبون

في الألم

لو استطعت أن تجعل قلبك يتهلل دائما للعجائب التي تتكشف لك كل يوم
لرأيت أن الامك لا تقل روعة عن افراحك,ولرضيت بالأطوار التي تنتاب قلبك
كما ترضى دائما بالفصول تتعاقب على حقلك,ولو وقفت رابط الجأش ترقب شتاء أحزانك

في الزمن

إذا حملكم العقل على أن تقسّموا الزمن الى فصول
فاجعلو كل فصل يحيط بالفصول الاخرى جميعا
ودعوا الحاضر يعانق الماضي بالذكرى, والغد بالحنين

في الزواج

ليحب أحدكم الاخر,ولكن لا تجعلا من الحب قيدا
بل اجعلاه بحرا متدفقا بين شواطىء أرواحكما.
وليملأ أحدكما كأس رفيقه, وحذار أن تشربا من كأس واحدة.
غنيّا وارقصا وامرحا معا,ولكن ليخّل كلٌ الى شأنه.
فإن أوتار القيثارة مشدودة على افتراق,وإن خفقت جميعا بلحن واحد .

***
عبارات من كتاب "رمل وزبد"
بين خيال الإنسان و إدراكه مسافة لا يجتازها سوى حنينه
 

بعضنا كالحبر وبعضنا كالورق
فلولا سواد بعضنا لكان البياض أصم
ولولا بياض بعضنا لكان السواد أعمى

ليست حقيقة المرء بما يظهره لك, بل بما لا يستطيع أن يظهره
لذلك إن أردت أن تعرفه, فلا تصغ إلى ما يقوله بل إلى ما لا يقوله
 

يجب أن تعرف الحقيقة أبداً ,وتقولها بعض المرات
يحتاج الحق إلى رجلين: الأول لينطق به والآخر ليفهمه! 


+ ما أشبه الراغب في فهم المرأة أو تحليل العبقرية أو حل سر الصمت
بذلك الرجل الذي يفيق من حلم جميل ليأكل طعام الصباح
+ الألفاظ لا تتقيد بقيود الزمان
فيجدر بك إذا تكلمت أو كتبت أن تضع هذه الحقيقة نصب عينيك
+ الشعر حكمة تسحر القلب
والحكمة شعر يترنم بأناشيد الفكر
ولو استطعنا أن نسحر قلب الإنسان ونترنم في الوقت نفسه بأناشيد فكره
لقدر إذ ذاك أن نعيش في ظل الله
+ الرجل الذي لا يغفر للمرأة هفواتها الصغيرة لن يتمتع بفضائلها الكبيرة
+ قولك إنك لا تفهمني مديح لا أستحقه, وإهانة لا تستحقها أنت
+ عندما وقفت أمامك مرآة نقية, تأملت ملياً فرأيت صورتك
ثم قلت لي : إني أحبك
ولكنك في الحقيقة أحببت ذاتك فيّ
+ قد تنسى الذين ضحكت معهم, لكنك لن تنسى الذي بكيت معه
+ الفن خطوة تخطوها الطبيعة نحو الأبدية
+ كل فكر حبسته عن الظهور بالكلام , يجب أن أطلقه بالأعمال
+ التذكار شكل من أشكال اللقاء
النسيان شكل من أشكال الحرية
ما أغربني عندما أشكو ألماً فيه لذتي!!

قال في المرأة
 
إن قلب المرأة لا يتغير مع الزمن ولا يتحول مع الفصول . قلب المرأة ينازع طويلا و لكنه لا يموت .
قلب المرأة يشابه البرية التي يتخذها الإنسان ساحة لحروبه ومذابحه , فهو يقتلع أشجارها و يحرق أعشابها و يلطخ صخورها بالدماء و يغرس تربتها بالعظام و الجماجم , و لكنها تبقى هادئة ساكنة مطمئنة و يظل فيها الربيع ربيعا و الخريف خريفا إلى نهاية الدهور.